فصل من رواية : ميشائيل او سيرة الشيخ مبشر الشفيع الكرودسي

  ميشائيل 

مصعب الرمادي

ميشائيل 

 أو سيرة الشيخ مبشر الشفيع الكرودسي

________________

الكتاب :  ميشائيل او سيرة الشيخ مبشر الشفيع الكرودسي   

الكاتب : مصعب الرمادي
تاريخ الطبع : سبتمبر 2025م

حقوق الطبع والتأليف محفوظة للمؤلف
_______________________

الفصل 6

 " مبشر الشفيع الكردوسي"  يقف في منتصف الصحراء المتمددة، لا جسد له إلا نورٌ يتخلل الحجارة، يحمل في روحه إرث البوادرة العريقة، الذين سكنوا شرق السودان منذ قرون، يعرف أن كل حجر هنا، وكل شجرة، وكل نهر لم يسيل بعد، كان شاهداً على ميلاد "القضا يرف"، المدينة التي لم تولد بعد حين كان " طلحة الزبير الهجوكابي"  يمشي على حواف الأرض، يبارك كل حجر وكل شجرة، وكل خطوة من مبشر ستصبح جزءًا من أسطورة المدينة، وكل صرخة صامتة، وكل نسمات الريح التي تمر بين أصابعه، تحمل صدى قبيلته، كل حركة له هي انعكاس للبركة والحكمة، وكل ميلاد جديد في المدينة يتردد في دماء البوادرة.

يمتد مبشر بين الظلال والنجوم والسراب، تتطاير أصوات طفولته في "حي المفرقعات" بالقضارف، صديقه المخلص  "بشير التهامي"  يركض بين الأزقة، شقيقه "مستبشر   يمد يده للهواء، شقيقته الدكتورة " بشائر الكردوسي"  تمسك قلب المدينة كما تمسك شرايين الحياة، اما و الداته السيدة المخضرمة  " جوري مرتضي الدباسي" فقد ظلت  تحمل عبء الذكريات بين يديها،  كانت كل خطوة منهم  تمثل إرث القبيلة وحكاية ميلاد المدينة، والشيخ " طلحة الزبير "   يهمس بأسماء لم تُكتب بعد في أي كتاب، يعلم أن كل حجر وكل ظل وكل سراب هو اختبار لمبشر، وكل حركة جناحيه في الريح تحمل نغمة البر والإحسان.

يمشي مبشر فوق الرمال التي كانت سهولاً بلا حدود، تلمس قدماه التاريخ الأول للبوادرة، والريح تصرخ باسم "القضا يرف" في حلقات لا نهائية، كل جدار في حي المفرقعات يحكي عن المدينة قبل ميلادها، وكل ظل هو صدى للشيخ طلحة الزبير، الذي بارك الأرض، يعلم أن كل خطوة على الرمل هي معركة ضد الشيطان، وأن الحجر والماء والسراب جميعهم أعداؤه وحلفاؤه في الوقت ذاته، وكل شيء يتحرك كرمزية للحياة والموت والمستقبل، وكل ضوء ينبعث من إرث البوادرة.

البركة الجافة أمامه تصرخ باسم السماء، والنجوم التي لم تظهر بعد تتساقط كرماد على رأسه، والنخلة اليابسة تهتز كأنها تتنفس مع الريح، مبشر يمد جناحيه، وكل حركة تصبح معركة، وكل نفس قتال، وكل صدى من الماضي يتقاطع مع المستقبل، يعلم أن الشيطان يختبئ في الفراغات، والشيخ " طلحة الزبير الهجوكابي"  يبارك الأرض بصمت، وكل خطوة لمبشر هي انعكاس لقوة البوادرة، التي شكلت جذور المدينة منذ آلاف السنين، وكل ميلاد جديد للقضا يرف ينبع من صميم الأرض والريح والحجر.

يحلق مبشر فوق التلال الرملية، يرى العالم كله كسراب متحرك، كل حجر وكل ظل وكل قطرات الماء التي لم تصل للنهر هي جيوش تنتظر الحرب، وكل صرخة صامتة تنتمي له، وكل سراب يحاول خداعه، لكنه يرى الحقيقة، الشيطان مختبئ بين الرماد والريح، ويبدأ في إشعال الضوء بلا نار، يمر على كل شيء كقاضٍ على الكون، وكل ضوء ينبعث منه انعكاس لإرث البوادرة وحكمة طلحة الزبير، الذين باركوا ولادة القضا يرف وحرسوا سهولها وأراضيها.

المدينة تتشكل أمامه ببطء، الميادين المهجورة والطرق المكسرة والصخور المتشققة كلها تصرخ باسمه، مبشر يرى الماضي والمستقبل مجتمعين في لحظة واحدة، الريح تتسلل إلى أعماق الصحراء، يعلم أن كل حركة هي معركة لا نهاية لها، وكل صمت هو هجوم خفي، والحجر والظل والماء والسراب أعداؤه وحلفاؤه في الوقت ذاته، وكل شيء يتحرك كما يريد، بلا رؤية لأحد، كل ذلك متجذر في تاريخ البوادرة وهجوكابية الشيخ طلحة الزبير.

يمتد مبشر بين النجوم والظلال والسراب، كل خطوة على الأرض عبور نهرٍ لم يسيل بعد، ويعرف أن كل أثر يتركه على الحجر تذكار لكل معركة، وكل صرخة صامتة تصيب الشيطان بلا صوت، وكل حركة جناحيه تحجب الشمس عن قلبه كما لو أن الحرب مستمرة منذ الأزل، كل شيء حوله يختلط بالرمزية المطلقة، الضوء والظل والحجر والريح والماء والسراب والليل كلها رموز للمعركة الأبدية، والميراث القبلي للبوادرة يتردد في كل صدى وصوت، ومعه بركة الشيخ طلحة الزبير الهجوكابي.

يمشي مبشر فوق النهر الجاف، تتكسر الخطوات على الرمال، ويشعر بصدى كل شيء لم يولد بعد، النجوم والبرك والجدران المتصدعة تصرخ باسمه، الريح تجرف الرماد من الماضي إلى المستقبل، والظلال تمتد بلا جسد، وكل شيء يتحرك ويبقى ساكنًا في نفس الوقت، والرموز تختلط في هذيان مطلق، والمعركة الأبدية مستمرة، وكل بداية تتحول إلى نهاية وكل نهاية تبدأ من جديد، وكل شيء في يده مجرد رمزية، وكل خطوة تتصل بدماء البوادرة القديمة وبركة الشيخ طلحة الزبير وميلاد القضا يرف.

يتحرك مبشر عبر الأشجار اليابسة والظلال، والبرك الجافة، والحجارة المتصدعة، والسراب الذي يلاحقه، والهواء الذي يصرخ بلا صوت، والليل الذي يسقط بلا توقف، وكل شيء يختفي ويظهر في شكل آخر، وكل شيء يصبح هذيانًا مترامي الأطراف، الكون كله رمزية للمعركة الأبدية بين الضوء والظلام، وكل حركة منه رسالة لكل كائن ولكل نقطة في الأرض، وكلها متجذرة في أسطورة البوادرة، وولادة المدينة مع الشيخ طلحة الزبير الهجوكابي.

النخلة اليابسة تهتز وتردد أصداء كل شيء حولها، الحجر والظل والماء الغائب والسراب والريح كلها تتحد في كيان واحد من الهذيان، الليل يمتد بلا نهاية، السماء تختلط بالنجوم الغائبة، وكل شيء يتحرك ويبقى ساكنًا، وكل الرموز تتشابك لتخلق عالم بلا أسماء، بلا وجوه، بلا بداية، بلا نهاية، كل شيء أسطورة حية عن المعركة الأبدية، مبشر هو المحارب، وكل صدى البوادرة وهجوكابية الشيخ طلحة يمتد فيه، متصل بميلاد القضا يرف.

يمتد الظل عبر الحجارة والنخلة اليابسة والبرك الجافة والهواء، كل شيء يتحرك بلا توقف، الليل يسقط على كل شيء، والسماء تتشابك مع الريح، الرموز تختلط بلا معنى، وكل شيء يصبح هذيانًا واحدًا ممتدًا، كل كائن موجود وغير موجود في الوقت نفسه، مبشر يمتد في كل شيء، وكل شيء يمتد فيه، وكل العالم كله لوحة رمزية عن الحرب الأزلية بين الخير والشر، كل ذلك إرث البوادرة وولادة القضا يرف مع الشيخ طلحة الزبير الهجوكابي.

وأخيرًا تختفي كل الرموز، مبشر يمتد بلا جسد، الحجر والماء والظل والنخلة اليابسة والسراب والريح تتحد في كائن واحد من الهذيان الأبدي، الليل يمتد بلا نهاية، السماء تختلط بالنجوم الغائبة، كل شيء يتحرك ويبقى ساكنًا، كل الرموز تختلط لتخلق عالم لا يعرف الولادة ولا الموت ولا الزمن، كل بداية هي نهاية وكل نهاية هي بداية، مبشر هو الكائن الوحيد الذي يرى كل شيء ويعرف كل شيء، وكل شيء يصبح أسطورة حية بلا حدود، بلا اسم، بلا وجه، بلا ذاكرة، بلا ضوء، وكل ذلك من صلب قبيلة البوادرة العريقة، وبمباركة الشيخ طلحة الزبير، في ميلاد ولاية ومدينة القضا يرف شرق السودان.


______

سبتمبر 2025م

 حي ابكر جبريل  -  القضارف  


تعليقات

المشاركات الشائعة